في ظل انخفاض الأسهم إلى مستويات قياسية، وتذبذب العملات في نماذج غير منتظمة، واستمرار الانخفاض الحر لأسعار النفط الخام،يبدو أنه من غير المتوقع ارتفاع ثقة المستهلك في المستقبل القريب. ومع انتظار تقرير ثقة المستهلك الأمريكي اليوم، يتوقع التجار نتيجة سلبية وأن يؤثر هذا بالتالي على الدولار.
أصدرت منظمة التجارة العالمية مؤخراً، تقريرها السنوي حول إحصاءات التجارة الخارجية لعام 2008، وفيه أكد الاقتصاد الإماراتي أنه في طريقه إلى تنويع هيكل صادراته وتقليل الاعتماد على البترول.
يعد هذا التقرير الذي حمل عنوان "إحصائيات التجارة الدولية 2008" بمثابة مقياس النظام التجاري الدولي ومصدراً من المصادر الرئيسية لإحصاءات التجارة الخارجية لدول العالم.
وعند الاطلاع على التقرير وتحليل ما جاء فيه من إحصاءات عن دولة الإمارات وبقية دول مجلس التعاون فيما يختص بالصادرات البترولية وتنوع الهيكل التصديري، يتم استنتاج مجموعة من المعطيات الهامة.
حيث بلغت قيمة الصادرات البترولية الدولية في عام 2007 ما يقرب من 2.038 تريليون دولار بنسبة نمو 13.3% مقارنة بعام 2006.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة مساهمة الصادرات البترولية إلى الصادرات من السلع بصفة عامة قد بلغت في عام 2000، ما يقرب من 10.6%، بينما بلغت في عام 2007 ما يقرب من 15%، ما يعني زيادة في نسبة المساهمة البترولية في هيكل الصادرات العالمي بشكل عام.
وبلغت قيمة الصادرات البترولية الإماراتية في عام 2007 ما يقرب من 100.2 مليار دولار، وهي بذلك تعد من الدول المصدرة الرئيسية للبترول على مستوى العالم.
أما نسبة مشاركة الصادرات البترولية الإماراتية بلغت في هيكل الصادرات الإماراتية 57.9% في عام 2007، بينما شكلت في عام 2000 ما نسبته 63.7 %، أي بنسبة انخفاض 9%.
ومع إعادة احتساب الصادرات البترولية لعام 2007 (المحتسبة بسعر 69.1 دولار للبرميل) مقارنة بأسعار عام 2000، حيث بلغ سعر البرميل خلاله 27.6 دولاراً، نجد أن قيمة الصادرات البترولية تنخفض من 100.2 مليار دولار إلى 40مليار دولار.
وبحساب نسبة المساهمة مرة أخرى في عام 2007 نجد أنها 23.1% بدلاً من 57.9%. وهذا مؤشر يدل على أن الاقتصاد الإماراتي في طريقه إلى تنويع هيكل صادراته وتقليل الاعتماد على البترول، وذلك يتوافق مع برامج التنمية والخطط الإستراتيجية المعلنة من جانب الدولة.
مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي من حيث مساهمة الصادرات البترولية في هيكل الصادرات، يتضح أن دولة الإمارات جاءت في المرتبة الأولى من حيث نسبة مساهمة الصادرات غير النفطية في هيكل الصادرات الإجمالي وانخفاض نسبة المساهمة البترولية تليها المملكة العربية السعودية.
ولكن مع ملاحظة أن نسبة الانخفاض في الحالة السعودية بلغ 4% فقط مع اعتمادها على الصادرات البترولية بنسبة 87.9%.
حققت كل من دولة الكويت وسلطنة عمان أعلى نسبة مساهمة للصادرات البترولية في هياكل صادراتها بنسبة وصلت ما يقرب من 95.8 % و 95% علي التوالي، مع ملاحظة زيادة نسب هذه المساهمة في عام 2007 مقارنة بعام 2000، خاصة في سلطنة عمان التي وصلت فيها الزيادة من مساهمة الصادرات البترولية إلى نسبة 20%.
وباستبعاد بيانات إعادة التصدير من هذه الإحصاءات وذلك من خلال استثناء البيانات المنشورة في كل دولة من دول المجلس حول إعادة التصدير وإجراء الحسابات مرة أخرى، أظهرت هذه العملية استمرار تفوق دولة الإمارات من حيث تنويع هيكل صادراتها اعتماداً على الصادرات فقط.
على الرغم من أن قيمة إعادة التصدير في الإمارات بلغت في عام 2007 حوالي 35 مليار دولار، أي بما يوازي ثلاث أضعاف قيمة إعادة التصدير تقريباً في بقية دول المجلس مجتمعة
هناك اعتقاد عام بأن تجارة البترول الخام مستثناة من احكام منظمة التجارة العالمية، وسبب هذا الاعتقاد انه لم يجر ادراج تجارة البترول في جولات المفاوضات السبع للجات منذ عام 1947، والتي ادت في ما ادت الى تخفيضات جمركية على السلع المصنعة. ويبدو ان عدم التعرض لتجارة البترول في جولات الجات كان لأسباب عدة منها القناعة بالطبيعة الاستراتيجية لسلعة البترول، وسيطرة مجموعة الشركات البترولية التابعة للدول الصناعية على تجارته عالمياً؟ والتركيز خلال جولات المفاوضات على السلع المصنعة حيث كانت الرسوم الجمركية على المواد الخام ومنها البترول اما غير موجودة أو متدنية، علماً بأنه لا يوجد في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ما يفيد استثناء البترول ومنتجاته من احكامها، والاشارة غير المباشرة لوضع البترول وردت في المادة العشرون (استثناءات عامة) من اتفاقية الجات حيث اشارت في معرض القيود على الصادرات لموضوع تقييد صادرات الموارد الطبيعية (والبترول احدها) للمحافظة عليها اذا كان ذلك مرتبطاً بتقييد الاستهلاك المحلي ايضاً.
وقد اكتفت الدول المصدرة للبترول التي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية بنصوص المواد المشار اليها باعتبار ان تلك المواد تعطيها الحق في تقييد الصادرات من البترول من منطلق السيادة على الموارد وبالتالي فإن عضوية بعضها في منظمة «أوبك» وتنسيق سياساتها الانتاجية فيها لا يتعارض مع احكام المنظمة. كما ان البترول كان موضوعاً اساسياً في مفاوضات انضمام دولة مستهلكة رئيسية للبترول، هي الصين، إلى منظمة التجارة العالمية. اذ التزمت في جدول عضويتها بأن تلغي الرسم الجمركي على الخام المستورد البالغ 26 سنتاً للبرميل وان تخفض تدريجياً من حصص الاستيراد المفروضة على المنتجات المكررة. ان عدم استثناء تجارة البترول صراحة في احكام منظمة التجارة العالمية من جهة، وعدم ورود استثناءات للدول المستهلكة أو للدول المصدرة للبترول عند انضمامها من جهة اخرى، هذا ناهيك من تناول لجنة فض المنازعات داخل المنظمة عدة قضايا متعلقة بتجارة البترول ومنتجاته مثل تلك المرفوعة من فنزويلا عام 1994 ضد الولايات المتحدة بخصوص قيود الأخيرة على واردات الجازولين من الاولى والتي قضت فيها لصالح فنزويلا يعني ان تجارة البترول شأنها شأن السلع الاخرى في التجارة الدولية خاضعة للمبادئ الرئيسية لمنظمة التجارة الدولية وهي:
1 ـ مبدأ الدولة الاولى بالرعاية.
2 ـ مبدأ المعاملة الوطنية أو عدم التمييز.
3 ـ مبدأ حظر القيود الكمية على التجارة.
4 ـ مبدأ التفاوض لتخفيض الرسوم الجمركية او ربطها (أي عدم زيادتها مستقبلا الا بموافقة الاعضاء الاخرى).
ولكن الاعتقاد باستثناء تجارة البترول من مفاوضات المنظمة واتفاقية الجات السابقة لها؟ مصدره ربما عدم التفاوض لتخفيض الرسوم الجمركية على البترول الخام ومنتجاته (المبدأ الرابع) أو عدم ورود البترول الخام أو منتجاته في قوائم السلع التي تقدمها معظم الدول وخصوصاً الصناعية منها لغرض الربط؟ الامر الذي يعني امكانية فرض الرسوم أو زيادتها مستقبلاً. اما المنتجات البترولية المكررة فقد دخلت في قوائم السلع التي قدمتها عدة دول لغرض الربط الجمركي وخصوصاً بعد جولة الاورغواي.
ذكرت مصادر تركية مُطلعة أن الإدارة الأمريكية تضغط بقوة على حكومة أنقرة لكي توقف تجارة البترول مع العراق، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي كولين بأول أبلغ نظيره التركي "إسماعيل جيم" في أثناء اجتماع "الناتو" في "بروكسل" بضرورة الالتزام بتطبيق الحظر الاقتصادي الغربي على العراق.
وجاء الطلب الأمريكي من تركيا في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي لبعض دول الشرق الأوسط؛ لعرض وجهة النظر الأمريكية بشأن العدوان الأمريكي- البريطاني الأخير على العراق.
معروف أن الإدارة الأمريكية تتهم تركيا بخرق الحظر المفروض على العراق عبر تنشيط تجارة البترول الحدودية التي تنقل بالشاحنات.
الحصار أضرنا
من جهته أعلن "محمد أصلان" رئيس غرفة التجارة بمحافظة "غازي عنتاب" الحدودية القريبة من العراق بأن مناطق جنوب تركيا تتعرض لأزمة كبيرة من جرّاء تطبيق بلاده الحظر الاقتصادي على العراق، مؤكدا بأن تركيا هي الخاسر الأكبر من فرض الحظر الاقتصادي؛ حيث بلغت خسائرها 47 مليار دولار- على حد قوله – منذ عام 1991.
وأشار أصلان في حديث له على الهواء من إحدى المحطات التلفزيونية التركية الأربعاء 28-2-2001، بأن 40 ألف شاحنة تعمل في تجارة البترول مع العراق، ويرتزق من ورائها حوالي 28 ألف شخص.
أمّا "يوسف سوم" رئيس غرفة تجارة محافظة "شرناق" الجنوبية الشرقية، والقريبة أيضًا من الحدود العراقية، فقد عبّر عن اعتراضه على الطلب الأمريكي، خاصة وأن مليون مواطن تركي يعيشون على تلك التجارة.
وأضاف سوم أن خزانة الدولة التركية تحصل على 50 مليون دولار سنويا كرسوم من وراء التجارة الحدودية للبترول. وتساءل سوم عن مدى قبول الحكومة التركية لمثل هذا الطلب الأمريكي، وهي تدرك جيّدا أنها قد أوقفت مشروعات التنمية في محافظة شرناق بجميع أشكالها منذ عام 1990.
معروف أن الحكومة التركية الائتلافية بزعامة "بولنت أجاويد" كانت قد أعلنت عن رغبتها في تنشيط خط بترول كركوك- يمورطاليق – (قام بتشغيله "نجم الدين أربكان" رئيس حكومة الائتلاف وزعيم حزب "الرفاه" الإسلامي في عام 1996، ثم توّقف مجددا بعد خروجه من الحكم )-مع العراق، وذلك في نهاية العام الماضي، كما أعادت سفيرها مع العراق بعد توّقف دام قرابة عشر سنوات. أخيرا تشهد الأسواق المالية التركية والاقتصادية تدهورًا كبيرًا منذ الأسبوع الماضي في أعقاب قرار تعويم الليرة أمام العملات الأجنبية.
يشار إلى أن الاقتصاد التركي قد مر بأزمة كبيرة في الأيام الماضية؛ حيث خسر عدة مليارات من الدولارات في غضون أيام قليلة. كما يتظاهر بشكل يومي أعضاء النقابات العمالية والمهنية داخل المدن التركية؛ احتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ويطالبون الحكومة بتقديم استقالتها لمسئوليتها عن تلك الأوضاع.